„طباطيب العِبَر“ (أو „حكايات أدبية من الدراكسة“) للصحافي والكاتب المصري، أسامة الرحيمي، هو كتاب يستحق القراءة والاحتفاظ به في الذاكرة لفترة طويلة. يعيش هذا الكتاب في الذاكرة بقوة، مثلما عاشت شخوصه وأحداثه في ذاكرة الكاتب، مما يدفعه لإخراجها إلى النور. يتناول الرحيمي في كتابه هذا موضوع الحب للبشر، خاصة تلك الشرائح المهمشة من المجتمع. يبحث الرحيمي عن قاع المجتمع، وإذا وجده، ينبش فيه بحثاً عن قاع القاع، حيث يكشف لنا عن الطبقة الدنيا التي تعاني من الإهمال والتهميش. يلتقط الكاتب تلك الطبقة ويكشف إنسانيتها، مما يعيد لنا الروح الإنسانية التي قد تكون غابت عنها المجتمعات والتاريخ.
يتناول الرحيمي في كتابه عن الريف المصري بكل عاطفته ونوستالجيته. يستعرض تحولات الريف منذ الخمسينات حتى يومنا هذا، مستعرضاً البؤس الذي عاشه الفلاح المصري في العصر الإقطاعي وتأثير ثورة 1952 والإصلاح الزراعي على حياة الفلاحين. يسلط الضوء أيضاً على التحولات التي شهدها الريف المصري بعد نهاية الدور الإصلاحي لثورة 1952، وكيف تأثرت القيم والتقاليد الريفية بتلك التحولات.
يتجول الرحيمي بين الأماكن والأجيال والأزمنة في كتابه، لكن نقطة البداية والعودة دائماً تكون قريته „الدراكسة“ في شرق الدلتا. تصبح القرية رمزاً للثابت والمتحول، وتعكس تحولات المجتمع المصري على مر العصور. يتميز أسلوب الرحيمي باللغة العذبة والسلسة، التي تنقل القارئ بين الفصحى والعامية، وتجمع بين لغة القرية والمدينة.
„طباطيب العبر“ هو كتاب يجمع بين الواقعية والرومانسية، وبين الحنين للماضي والتأمل في الحاضر. يعكس الكتاب آلام التحولات وأفراحها، ويسلط الضوء على الإنسانية والروح الصافية التي قد تختفي في ظل التحولات الاجتماعية والسياسية. يعتبر هذا الكتاب مرآة تعكس واقع الريف المصري وتحولاته عبر العصور، مما يجعله قراءة ممتعة ومفيدة لكل من يهتم بتاريخ وثقافة مصر.